دورهم في الهجرة النبوية الشريفة

 
قبيلة بني أسلم من حرب إحدي قبائل  وادي حجر  الواقع بين الحرمين الشريفين  

 


دورهم في الهجرة النبوية الشريفة

 

كان الصحابي الجليل أبو ذر ـ جندب بن جنادة ـ رضي الله عنه من أولئك الرجال الذين أكرمهم الله عز وجل وهداهم للصواب، فقد وفد رضي الله عنه  إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة وشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، حيث أسلم مبكراً وكان ترتيبه رابعا أو خامسا([1])، وينتمي رضي الله عنه إلى قبيلة غفار التي تنتسب إلى بني ضمرة من كنانة وهي قبيلة كانت تشاركها بنو أسلم في الأبواء([2])وتسكن أيضاً وغيقة([3]) والصفراء([4]) و ودان.

وروى الطبراني بسنده عن أبي ذر أن الغفاريين([5]) قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بعدما قدموا عليه:  يا رسول الله:  إن أبا ذر قد أعلمنا ما أعلمته وقد أسلمنا وشهدنا أنك رسول الله.

ولم يكتف أبو ذر الغفاري  رضي الله عنه  بدعوة قومه بل سار مجاهداً لايخشى في الله لومة لائم،و أخذ ينشر الإسلام في قبيلة بني أسلم الحليف الأول لقومه والمجاورة لقبيلته،جاء في رواية أبي ذر رضي الله عنه التي أخرجها مسلم: ((وجاءت أسلم فقالوا يا رسول الله إخوتنا نسلم على الذي أسلموا عليه ‏.‏ فأسلموا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏ غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله "‏))‏([6]) ‏.‏

وقد دخلت قبيلة بني أسلم في الإسلام في وقت مبكر حيث غمرتها بركات النفحات النبوية قبل إسلامهم، كما في سيرة ابن كثير في قول (إياس بن مالك بن أوس الاسلمي،([7]) عن أبيه، قال: لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر مروا بإبل لنا بالجحفة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لمن هذه الابل ؟ فقالوا: لرجل من أسلم.

فالتفت إلى أبى بكر فقال: سلمت إن شاء الله.

فقال: ما اسمك ؟ قال: مسعود.

فالتفت إلى أبى بكر فقال: سعدت إن شاء الله.

قال: فأتاه أبى فحمله على جمل يقال له ابن الرداء).

ابن العباس السراج في تاريخه وأبو نعيم

 

وعن أوس بن عبد الله بن حجر الأسلمي([8]) قال:  مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر بحذوات بين الجحفة وهرشى وهما على جمل واحد وهما متوجهان إلى المدينة فحملهما على فحل إبله ابن الرداء فبعث معهما غلاما له يقال له:  مسعود فقال:  اسلك بهما حيث تعلم من مخارم الطريق ولا تفارقهما حتى يقضيا حاجتهما منك ومن جملك فسلك بهما ثنية الزمحا ثم سلك بهما ثنية الكوية ثم سلك بهما المرة ثم أقبل بهما من شعبة ذات كشط ثم سلك بهما المدلجة ثم سلك بهما الغسانة ثم سلك ثنية المرة ثم أدخلهما المدينة وقد قضيا حاجتهما منه ومن جمله ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسعودا إلى سيده أوس بن عبد الله .

رواه الطبراني في الكبير611

وفي الحديث: (أنه أمر أوس بن عبد الله الأسلمي أن يسم إبله في أعناقها قيد الفرس).

(البغوي وابن السكن وابن منده طب وأبو نعيم قال ابن عبد البر:  حديث حسن).

 

قال ابن هشام:  ثم هبط بهما العرج، وقد أبطأ عليهما بعض ظهرهم فحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أسلم، يقال له أوس بن حجر على جمل له - يقال له ابن الرداء - إلى المدينة .

وفي ذكر الهجرة، حين توجه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فركب بريدة رضي الله عنه في سبعين راكباً من أهل بيته من بني سهم فتلقى نبي الله([9]).

فأسلم بريدة وأسلم من كان معه جميعاً. ومما قاله بريدة رضي الله عنه: [الحمد للّه الذي أسلمت بنو سَهْم طائعين غير مكرهين]، وقيل أسلم  ثمانون بيتاً منهم في تلك الليلة ([10]).

وعن بريدة الأسلمي([11])، قال: لما اقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مهاجره لقي ركباً فقال" يا أبا بكر سل القوم ممن هم "قالوا من أسلم، قال: "سلمت، يا أبا بكر سلهم من أي أسلم" قالوا:  من بني سهم([12])،قال: "أرم سهمك يا أبا بكر"     رواه البزار.

 

وفي ذكر المسافة المحصورة بين السقيا (أم البرك) وقباء اختصر صلى الله عليه وسلم الطريق، ونقله عبرها أحد أبناء المنطقة وهم أدرى بشعابها ([13])، فحمله رجل من أسلم وأسمه أوس بن عبد الله حجر، حمل رسول الله  صلى الله عليه وسلم على جمل يقال له ابن الرداء إلى المدينة، وبعث معه غلام يقال له (مسعود بن هنيدية)،و أوس  من الأسلميين الذين أسلموا على يد النبي صلى الله عليه وسلم أثناء هجرته، وأمر أوس غلامه أن يسلك بالركب المهاجر المخارم التي سماها، فكانت هذه المسيرة اختصار للطريق بين السقيا وقباء ([14]) .

و تلتها هجرتهم الكبيرة من قلب الحجاز للمدينة ودخل بعد ذلك البقية منهم في الإسلام فيمن كانوا قريب من المدينة.


--------------------------------------

([1]) تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، ج2 ص315، ط3، دار المعارف، القاهرة.

([2])الأبواء جبل شامخ مرتفع وهو لخزاعة وضمرة، معجم البلدان، المؤلف:  ياقوت الحموي ج1، ص79.

([3])  ابن الأثير:  أسد الغابة، 2/118 .

([4])سيرة ابن هشام  2/253؛ الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، بيروت، دار المعرفة، ج3، ص 622 والصفراء:  تسمى اليوم ( الواسطة ) أما الواد فهو من أودية الحجاز الفحول ( محمد وشراب:  المعالم الأثيرة ص 159) .

([5]) الطبراني:  ( ت 360 ):  المعجم الأوسط، الرياض، مكتبة المعارف، ط1، 1405 هـ  ج1، ص 28 – 29.

([6])   الجامع الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 2473 ج4، ص 1919.

([7])السيرة النبوية لابن كثير ج2 / 256، البداية والنهاية لابن كثير ج3 ص232- 233 . و رواية الحديث عن محمد بن إسحاق، عن السراج، حدثنا محمد بن عبادة بن موسى العجلى، حدثنى أخي موسى بن عبادة، حدثنى عبدالله بن سيار، حدثنى إياس بن مالك بن الأوس الأسلمي، عن أبيه ؛الإصابة في تمييز الصحابة، ج6، ص 18،الكتب العلمية، بيروت .

([8])مجمع الزوائد ومنبع الفوائد نور الدين الهيثمي،تحقيق عبدالله محمد الدويش ج6،ص69حديث 9908، دار الفكر بيروت 1412هـ؛  كنز العمال، علي بن حسام، ج9، رقم الحديث  25639؛ رواه الطبراني في الكبير 6611.

([9])المنتظم في تاريخ الملوك والأمم:  ابن الجوزي،تحقيق محمد عطا ومصطفى عطا،دار الكتب العلمية بيرت، 1412هـ، ج3 ص57.

([10])المغازي للواقدي ج2 / 782؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى(المتوفى:  230هـ) ص 4/242، 310، 312 ؛ ابن هشام 3/332، 4/423؛ ابن الجوزي، الوفا بأحوال المصطفى 1 /247، تحقيق:  مصطفى عبد الواحد، دار الكتب، القاهرة، ط1/1386هـ

([11])مجمع الزوائد ومنبع الفوائد نور الدين الهيثمي،تحقيق عبدالله محمد الدويش ج6،ص69حديث 9909، دار الفكر بيروت 1412هـ؛ رواه البزار  رقم(1744)، وقال لا نعلم رواه إلا بريدة، ولا نعلم له إلا هذا الطريق.

([12])بني سهم من فروع قبيلة بني أسلم قديماً، وكان سيدهم  بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.

([13])كتاب أمارة رابغ دراسة جغرافية ميدانية إعداد قسم الجغرافيا طبعة، 1404هـ، 1984هـ، ص 56.

([14])ابن هشام، السيرة النبوية، ج1-ص491، ابن كثير –السيرة النبوية ج2،ص255.