النوم ناقض للوضوء

الفتاوى > الطهارة >

السؤال : هل النوم ناقض للوضوء .

النوم ناقض مطلقا سواء كان النائم جالسا أو مضطجعاً وسواء كان قليلا أو كثيرا والمقصود بالنوم هو الذي يقطع صاحبه عن إدراك الظاهر والباطن وأما النعاس فلا ينقض وهو الذي يقطع صاحبه عن إدراك الباطن دون الظاهر
وحجتنا في ذلك :
حديث صفوان بن عسال عند الترمذي والنسائي وابن ماجة قال :
" امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا سفرا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم "
ولحديث علي رضي الله عنه عند ابي داود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" وكاء السه العينان فمن نام فليتوضأ "
فدل هذا الحديث ومافي معناه على أن النوم ليس حدثا بذاته بل هو مظنة الحدث .
وهذا هو القول الذي تجتمع به الأحاديث والآثار . وهو قول ابن حزم وابو عبيد القاسم بن سلام وهو قول اسحق كما في وذهب الى هذا القول من الصحابة انس وابو هريرة رضي الله عنهما .
وقد بوب البخاري في كتابه الصحيح باب : الوضوء من النوم ومن لم ير من النعسة والنعستين او الخفقة وضوءا ثم ذكر تحته حديث عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه " .
وموضع الشاهد لترجمة الباب قوله صلى الله عليه وسلم :" اذا صلى وهو ناعس " ففيه إشارة إلى أن صلاته مجزئة .
واما مارواه مسلم من حديث انس :
" ان اصحاب رسول الله كانوا ينتظرون العشاء فينامون ثم يصلون ولايتوضئون "
وكذلك مارواه البزار وابو يعلى عن انس قال :
" كان أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضعون جنوبهم فينامون فمنهم من يتوضأ ومنهم من لا يتوضأ "
وماروي عن بعض التابعين انه كان ينام مرارا مضطجعا ينتظر الصلاة ثم يصلي فلا يعيد الوضوء "
وما في معناه ، فيحمل على النعاس
وقد روى ابن ابي شيبة عن سعيد بن المسيب والحسن البصري أنهما قالا " إذا خالط النوم قلب أحدكم فليتوضأ "
واما مارواه الدارقطني في سننه (1/130) وصححه عن انس قال :
" لقد رأيت اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظون للصلاة حتى إني لأسمع لأحدهم غطيطا ثم يصلون ولا يتوضئون " (انظر تمام المنة 99)
فيقول الشيخ الألباني حفظه الله (ارواء الغليل 114) : " والأخذ بهذا الحديث يستلزم رد الأحاديث الموجبة بالقول بالنقض وذلك لايجوز لإحتمال ان يكون الحديث كان قبل الإيجاب على البراءة الأصلية ثم جاء الأمر بالوضوء منه "
قلت : ومما يؤيد هذا ما جاء في صحيح البخاري :
أن َذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْشوَ الْإِسْلَامُ
ومما يؤيد هذا القول أيضاً انهم اجمعوا على ان المغمى عليه يجب عليه الوضوء حين يفيق كما نقل ذلك ابن المنذر في (الأوسط 1/ 144 ) (انظر النيل 1/193) فيكون النائم كذلك .
وما ذكرنا من وجوب الوضوء على النائم فان ذلك في حق الأمة أما النبي صلى الله عليه وسلم فانه مستثنى من هذا الحكم لما في الصحيحين من حديث عائشة انه قال :" إنما تنام عيني ولا ينام قلبي "
تتمة :-
ذهب بعض العلماء إلى أن النوم الناقض للوضوء هو " النوم المعتاد الذي يختاره الناس في العادة كنوم الليل والقائلة " وأما ماعداه فلا ينقض ولو كان صاحبه مستغرقا .
قلت : هذا التفريق منه رحمه الله ليس عليه دليل خاص إلا محاولة الجمع بين الأدلة وهو قول قوي لولا أنه يشكل عليه أن النوم مظنة الحدث فالعلة في كون النوم ناقض معقولة المعنى فالتفريق بين نوم ونوم من جهة الوقت يحتاج إلى دليل صريح فلو كان النوم ناقضاً بنفسه لكان هذا الجمع الذي ذهب إليه هو الراجح والله أعلم .