|
الجواب : اتخاذ السترة واجب وهو قول ابن حزم
و رواية عن الإمام أحمد والقول بالوجوب اختيار كثير من المتأخرين كالشوكاني وفي
هذا العصر كشيخنا ناصر الدين الألباني رحم الله الجميع وهي عند باقي الأئمة
مندوبة .
ودليل الوجوب قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لاتصل إلا إلى سترة ) أخرجه ابن
خزيمة وكذلك حديث (إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها ولا يدع أحدا يمر
بينه وبينها ... ) رواه أبو داود .
ويكون ارتفاعها شبرين أو نحو ذلك بقدر مؤخرة الرحل ويلزمه الدنو منها بحيث يكون
بينها و بين موضع سجوده نحو شبر بقدر ممر شاة ويجتهد في منع من أراد أن يمر
بينه وبينها وله أن يتقدم حتى يلتصق بها لمنع المار ولو كان غير عاقل كبهيمة أو
نحوها .
وكل ما يروى في صرف الوجوب إما صريح غير صحيح أو صحيح غير صريح .
وأقوى ما أُحتج به على صرف الأمر إلى الندب .
عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى
حِمَارٍ أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلَامَ وَرَسُولُ
اللَّهِ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى إِلَى
غَيْرِ جِدَارٍ فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْتُ
وَأَرْسَلْتُ الْأَتَانَ تَرْتَعُ وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ فَلَمْ يُنْكِرْ
ذَلِكَ علَيَّ أَحَدٌ *
وعند مسلم :
عن عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَقْبَلَ
يَسِيرُ عَلَى حِمَارٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ
قَائِمٌ يُصَلِّي بِمِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ قَالَ
فَسَارَ الْحِمَارُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ ثُمَّ نَزَلَ عَنْهُ فَصَفَّ
مَعَ النَّاسِ حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ يَحْيَى وَعَمْرٌولنَّاقِدُ وَإِسْحَقُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا
الْإِسْنَادِ قَالَ وَالنَّبِيُّ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ يُصَلِّي
بِعَرَفَةَ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ
قَالَا أَخْبَرَنَا عْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ
بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مِنًى وَلَا عَرَفَةَ وَقَالَ فِي
حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَوْ يَوْمَ الْفَتْحِ *
وحديث ابن عباس ليس فيه نفي لوجود السترة والقاعدة عند العلماء أن عدم الذكر
ليس ذكراً للعدم.
خاصة وأنه قد جاء في الرواية التي في صحيح مسلم أن الواقعة كانت بعرفة وقد جاء
عند ابن خزيمة في نفس القصة أنه كان بين يديه عنزة حينما صلى بعرفة .
أما إذا كانت واقعتين فيدل على أنه كان بين يديه سترة الأحاديث الأخرى ولذلك
أورد البخاري حديث ابن عباس تحت باب " سترة الإمام سترة من خلفه " ثم أورد عقبه
مايدل على ذلك ومنه :
عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ بِالْبَطْحَاءِ وَبَيْنَ
يَدَيْهِ عَنَزَةٌ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ تَمُرُّ
بَيْنَ يَدَيْهِ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ *
وابن عباس إنما نفى أن يكون بين يدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم جدار ولم
ينفي وجود سترة كالعنزة وغيرها وإنما أراد أن يفهم السامع أن النبي صلى الله
عليه وآله وسلم قد رآه وفيه دليل على أن إقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم
حجة .
وهذا الحكم في وجوب السترة أمام المصلي عام سواء كان ذلك عند الكعبة أو خارج
الحرم فقد جاء في صحيح البخاري:
بَاب يَرُدُّ الْمُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَرَدَّ ابْنُ عُمَرَ فِي
التَّشَهُّدِ وَفِي الْكَعْبَةِ وَقَالَ إِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ تُقَاتِلَهُ
فَقَاتِلْهُ *
|