|
الجواب : هنالك سنتان يؤخذ بهما عند نزول المطر :
الأولى : تكون عندما يكون المصلون في المسجد وهي الجمع بين الصلاتين بين الظهر
والعصر وبين المغرب والعشاء ، لما في صحيح البخاري :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ
صَلَّى بِالْمَدِينَةِ سَبْعًا وَثَمَانِيًا الظُّهْرَ الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ
وَالْعِشَاءَ فَقَالَ أَيُّوبُ لَعَلَّهُ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ قَالَ عَسَى *
وهو عند مسلم بلفظ :
جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ
وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ
وَلَا مَطَرٍ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا أَرَادَ إِلَى ذَلِكَ قَالَ أَرَادَ
أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ *
فقوله من غير خوف ولا مطر وفي رواية من غير سفر ولا مرض يدل على أن المعروف
عندهم أن الجمع إنما يكون من أجل هذه الأربع .
وفي الموطأ بسند صحيح :
عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا جَمَعَ
الْأُمَرَاءُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي الْمَطَرِ جَمَعَ مَعَهُمْ *
والحاجة إلى هذا الجمع يقدرها إمام المسجد فإذا رأى أن هنالك حرج ومشقة تلحق
الناس من أجل حضورهم للصلاة التالية كالعصر أو العشاء جمع بهم .
والسنة الثانية :
قبل حضور المصلين إلى المسجد بحث يقول المؤذن " صلوا في رحالكم" وذلك بأمر من
الإمام وهذا الأمر يقدره إمام المسجد أيضاً وذلك إذا رأى أن هنالك حرج ومشقة
تلحق الناس من أجل حضورهم إلى المسجد .
ودليل ذلك ما في صحيح البخاري :
عن عَبْدَاللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ قَالَ خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ
ذِي رَدْغٍ فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ لَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ
قُلِ : الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ
فَكَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا فَقَالَ كَأَنَّكُمْ أَنْكَرْتُمْ هَذَا إِنَّ هَذَا
فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّىاللَهُ
عَلَيْهِوَسَلَّمَ إِنَّهَا عَزْمَةٌ وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ
وَعَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ نَحْوَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ كَرِهْتُ أَنْ أُؤَثِّمَكُمْ
فَتَجِيئُونَ تَدُوسُونَ الطِّينَ إِلى رُكَبِكُمْ * َّ
وهو عند مسلم :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ
أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ إِذَا قُلْتَ أَشْهَدُ أَنْ
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَلَا
تَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قُلْ صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ قَالَ فَكَأَنَّ
النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَاكَ فَقَالَ أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا قَدْ فَعَلَ ذَا
مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ
أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُوا فِي الطِّينِ وَالدَّحْضِ "
وفيه دليل على أن هذه السنَة ليست خاصة بالسفر كما هو ظاهر حديث ابن عمر في
الصحيحين قال " إن رسول الله كان يأمر مؤذناً يؤذن ثم يقول على أثره ألا صلوا
في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر " ، لأنه جاء في حديث ابن
عباس السابق أن تلك الصلاة كانت جمعة وكما هو مقرر في موضعه أنه لا جمعة في
السفر وقد بوب البخاري في صحيحه : باب الرخصة إن لم يحضر الجمعة في المطر.
وهاتان السنتان أو الرخصتان لا تقيدان بالسفر لحديث ابن عباس ولا بقليل المطر
ولا كثيره لحديث أبي المليح عن أبيه عند أبي داود :
أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ زَمَنَ
الْحُدَيْبِيَةِ فِي يَوْمِ جُمعةٍ وَأَصَابَهُمْ مَطَرٌ لَمْ تَبْتَلَّ
أَسْفَلُ نِعَالِهِمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا فِي رِحَالِهِمْ *
ولا بكون المطر نازلاً أو غير نازل كما في حديث ابن عمر وابن عباس السابقين
وإنما يستدل عليهما بالقرائن التي تدل على تحقق الحرج .
وللمؤذن أن يقول صلوا في رحالكم بدل الحيعلتين كما في حديث ابن عباس وهو الأولى
أو بعد الأذان كما في حديث ابن عمر ، ولا يسقط وجوب الإتيان إلى المسجد إذا لم
يقلها المؤذن ، لما في المسند :
عَنْ نُعَيْمِ ابْنِ النَّحَّامِ قَالَ سَمِعْتُ مُؤَذِّنَ النَّبِيِّ
صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ وَأَنَا فِي لِحَافي
فَتَمَنَّيْتُ أَنْ يَقُولَ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ
عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ ثُمَّ سَأَلْتُ عَنْهَا
فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ
" وهذا الحديث في إسناده جهالة لكن جاء عند عبدالرزاق بسند صحيح .
تنبيه :
الحرج هنا بالنسبة لعموم الناس ولايلزم أن يكون متحققاً لكل أحد فمن كان بيته
بباب المسجد فهذا لا يلحقه حرج ، لكنه يدخل في الرخصة فإن النبي كان بيته
يفتح بالمسجد .
وفي المقابل هذا الحرج قد يتحقق في بعض الأشخاص دون عموم الناس فيمكن أن يأخذوا
برخصة التخلف عن الجماعة ولو لم يقل المؤذن صلوا في رحالكم لعموم الأدلة ومنها
حديث ابن عباس في الجمع بين الصلوات .
|