الجواب : المتفق عليه عند أهل السنة أنه لا بد من إقامة الحجة ولم
يخالف في ذلك إلا المعتزلة والحجة قد تقوم ولو لم يجحدها المكلف كأن يقول ما
فهمت أو يعرض عن سماعها كما سيأتي بيان ذلك . بل نقول إن الحجة قد تقوم ولو لم
تبلغ المكلف لأن شرط الرسالة كما في قوله تعالى " وما كنا معذبين حتى نبعث
رسولاً " هو التمكن وليس البلوغ قال تعالى { بل يريد كل امرئٍ منهم أن يؤتى
صُحُفاً منشّرة} فلم يجعل ذلك حجة لهم
فالأمر مبناه على التمكن قال تعالى {قل فلله الحجّة البالغة} لمن أرادها وبحث
عنها .
لكن ينبغي أن يتنبه هل المسألة التي وقع فيها الجهل من مسائل الدين الظاهرة
كالتوحيد وغيره التي تعرف لكل من قرأ القرآن أم من المسائل الخفية التي لا
تعرف إلا بعد السؤال .
ويمكن تقسيم المسائل التي يقع فيها الجهل على النحو التالي :
القسم الأول : مسائل ظاهرة ودليلها ظاهر .
القسم الثاني : مسائل ظاهرة ودليلها خفي .
القسم الثالث : مسائل خفية ودليلها خفي .
القسم الرابع : المعلوم من الدين بالضرورة .
فأما القسم الأول والرابع وهو الذي يهمنا هنا ، ومنه أكثر الأحكام المتعلقة
بالتوحيد والشرك فإنه لا يعذر فيه أحد مادام أنه تمكن من قراءة القرآن
والأحاديث المتعلقة بتلك المسألة بلسان عربي مبين ولم يكن عنده معارض يعذر به
، وأما ما ذكره العلماء من اشتراط بلوغ الحجة فهذا يحمل على المسائل التي
دليلها خفي وهي فروع الشريعة .
وأما فهم الحجَّة كفهم أبي بكر وعمر فانه ليس شرطاً في قيام الحجة مادام لا
يوجد مانع من جهة اللغة يمنعه من الفهم وما دام أنها واضحة لمن هو مثله .
|