البدعة

الفتاوى > العقيدة >

السؤال : بين لنا خطورة البدعة وهل يمكن الاختلاف في تعيين بعض المبتدعة .

الجواب :  الأحاديث الواردة في التحذير من الإحداث في الدين كثيرة ومن ذلك حديث العرباض بن سارية الذي أخرجه أصحاب السنن " إياكم ومحدثات الأمور .... " كما أن الشيطان يفرح بالبدعة أكثر من فرحه بمعاصي الشهوات قال سفيان " البدعة أحب إلى إبليس من المعصية ، المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها " ، و عن أيوب السختياني قال " ما ازداد صاحب بدعة اجتهادا إلا ازداد من الله بعدا " وقد كان بعض السلف يتمنى أن يقع ابنه في الزنا وشرب الخمر ولا يقع في الأهواء والبدع قال يونس بن عبيد لابنه " أنهاك عن الزنى والسرقة وشرب الخمر ولأن تلقى الله بهن أحب إلي من أن تلقاه برأي عمرو وأصحاب عمرو " وقال سلام بن أبي مطيع " لأن ألقى الله بصحيفة الحجاج أحب إلي من أن ألقى الله بصحيفة عمرو بن عبيد " فالحذر الحذر من البدع وأهلها ولو وصفهم الجاهل بهم ، بوصف العلماء فهذا عمرو بن عبيد وإن كان قد استقر في عصرنا أنه من المعتزلة إلا أن الأمر كان على خلاف ذلك في عصره فقد كان يدافع عنه كبار العلماء في ذلك العصر لجهلهم بحقيقة أمره خاصة وأنه كان من الخطباء المفوهين والوعاظ الزاهدين حتى أنه كان يجلس في مجلس المنصور فلا يقوم إلا وقد أبكى المنصور ومن معه لقوة تأثير وعظه وقد كان يقول المنصور لجلسائه : كلكم يمشي رويد كلكم يطلب صيد غير عمرو بن عبيد ، غره لزهده .
ومن العلماء الذين كانوا ينافحون عنه عاصم الأحول الذي قال فيه الإمام أحمد " ثقة حافظ " قال عاصم الأحول جلست إلى قتادة فذكر عمرو ابن عبيد فوقع فيه ونال منه فقلت له أبا الخطاب لا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض فقال يا أحول أن الرجل إذا ابتدع بدعة فينبغي لها أن تذكر حتى تحذر " . وعمرو بن عبيد له من التآليف ما يجعل السامع بها يظن أن الرجل من كبار أهل السنة فمن ذلك كتاب التوحيد والرد على القدرية مع أنه زعيمهم لكن ما كان يقر بذلك .
وقد كان بعض العلماء يصدر منه ما يفيد التزكية لبعض الناس فلا يقبل منه ذلك إذا جاء من عالم آخر جرح مفسر فقد كان الإمام الشافعي رحمه الله يقول عن إبراهيم بن أبي يحيى، :( حدثني من لا أتهم ) وهذا عند بعضهم توثيق من الشافعي له لأنه أحيانا يقول عنه حدثني الثقة كما نقل ذلك صاحب جامع التحصيل ، لكن لما سئل عنه الإمام مالك رحمه الله : أكان ثقة؟ فقال لا ولا ثقة في دينه ، ولما سئل عنه الإمام أحمد قال " قدري جهمي كل بلاء فيه " ، وقال عنه ابن معين : " رافضي كذاب " فتوثيق الإمام الشافعي المزعوم لإبراهيم بن أبي يحيى، لم ينفعه، فتنبه ولا تغتر فتهلك فإن الأمر دين ، فهذا أبو ذر الهروي راوي الصحيح انخدع بكلمة قالها الدارقطني الإمام في مدح الباقلاني؛ فجَرَّته هذه الكلمة ، إلى أن وقع في حبائل الأشاعرة، وصار داعية من دعاتهم، نسأل الله العافية فلا تنخدع خاصة وفي علماء العصر من المتفق على إمامتهم غنية والله المستعان .