| هَلْ مِنْ طَبِيبٍ لِدَاءِ الْحُبِّ أو رَاقِي ؟ محمود سامي البارودي | ||
| هَـلْ مِنْ طَبِيبٍ لِدَاءِ الْحُبِّ أو رَاقِي ؟ | يَـشْـفِـي عَـلِيلاً أخا حُزْنٍ وإيراقِ | |
| قَـدْ كان أَبْقَى الهوى مِنْ مُهجَتي رَمَقًا | حَتَّى جرى البَيْنُ ، فاستولى على الباقي | |
| حُـزْنٌ بَرَانِي ، وأشواقٌ رَعَتْ كبدي | يـا ويـحَ نـفسي مِنْ حُزْنٍ وأشْوَاقِ | |
| أُكَـلِّـفُ الـنَفْسَ صَبْراً وهي جَازِعَةٌ | والـصـبرُ في الحُبِّ أعيا كُلَّ مُشتاقِ | |
| لافـي (( سرنديبَ )) لِي خِلٌ ألُوذُ بِهِ | وَلَا أَنِـيـسٌ سِـوى هَمي وإطراقِي | |
| أبِـيـتُ أرعـى نـجوم الليلِ مُرْتَفِقًا | فـي قُـنَّـةٍ عَـزَّ مَرْقاها على الراقي | |
| تَـقَـلَّدَتْ من جُمانِ الشُهبِ مِنْطَقةً | مَـعـقُـودةً بِـوِشَـاحٍ غَيرِ مِقْلاقِ | |
| كـأن نَـجْـمَ الثريا وهو مُضْطَرِبٌ | دُونَ الـهِـلالِ سِـراجٌ لاحَ في طاقِ | |
| يا (( روضة النيلِ )) ! لا مَسَّتْكِ بَائِقَةٌ | ولا عَـدَتْـكِ سَـمَـاءٌ ذَاتُ أَغْدَاقِ | |
| ولا بَـرِحْـتِ مِـنً الأوراقِ في حُلَلٍ | مِـنْ سُـنْـدُسٍ عَبْقَرِيِّ الوَشْيِ بَرَّاقِ | |
| يـا حـبـذا نَـسَمٌ مِنْ جَوِّهَا عَبِقٌ | يَـسـرِي عـلى جَدْوَلٍ بالماءِ دَقَّاقِ | |
| بـل حَـبَّـذا دَوْحَةٌ تَدْعُو الهدِيلَ بِها | عِـنـدَ الـصَّـبَاحِ قَمَارِيٌ بأطواقِ | |
| مَرْعى جِيادي ، ومَأوَى جِيرتي ، وحِمى | قَـومـي ، وَمَـنْـبِتُ آدابي وأعراقي | |
| أصـبـو إلـيها على بُعْدٍ ، ويُعجبني | أنـي أعِـيـشُ بِـها في ثَوْبِ إملاقِ | |
| وكـيـفَ أنسى دياراً قَدْ تَرَكْتُ بِها | أهـلاً كِـراماً لَهُمْ وُدِي وإشفاقي ؟ | |
| إذا تَـذَكَّـرْتُ أيـامـاً بِهِم سَلَفَتْ | تَـحَـدَّرَتْ بِـغُـرُوبِ الدمع آماقي | |
| فَـيَـا بَـرِيدَ الصَّبا بَلِّغْ ذَوِي رَحِمِي | أنـي مُـقـيـمٌ عَلَى عَهْدي ومِيثاقي | |
| وإن مَرَرْتَ عَلَى (( المِقْياسِ )) فَاهدِ لَهُ | مِـنـي تـحـيـةَ نَفسٍ ذاتِ أعلاقِ | |
| وَأَنـتَ يـا طـائـراً يبكي على فَنَنٍ | نـفـسي فِدَاؤُكَ مِنْ سَاقٍ على سَاقِ | |
| أَذْكَـرْتَـني مَا مَضى وَالشَمْلُ مُجتَمِعٌ | بِـمِصْرً والحربُ لم تنهض على ساقِ | |
| أيـامَ أسـحـبُ أذيال الصِبا مَرِحاً | فِـي فِـتْـيـةٍ لِـطَرِيقِ الخير سُبَّاقِ | |
| فَـيَـالَـهـا ذُكْرَةً ! شَبَّ الغَرَامُ بِها | نَـاراً سَـرَتْ بَـيْنَ أرداني وأَطْوَاقي | |
| عَـصْرٌ تَوَلَّى ، وأبْقَى فِي الفُؤَادِ هَوى | يَـكَـادُ يَـشْـمَلُ أحشائي بإحراقِ | |
| وَالـمـرْءُ طَـوْعُ الـليالي في تَصَرُّفِها | لا يـمـلـكُ الأمرَ مِنْ نُجْحٍ وإخفاقِ | |
| عَـلَـيَّ شَـيْمُ الغَوَادي كلما بَرَقَتْ | وَمَـا عَـلَـيَّ إذا ضَـنَّـتْ بِرقْراقِ | |
| فـلا يَـعِـبْني حَسُودٌ أنْ جَرى قَدَرٌ | فَـلَـيْـسَ لـي غَيْرُ ما يقضيهِ خَلَّاقي | |
| أسـلـمْتُ نفسي لمولًى لا يَخِيبُ لهُ | راجٍ عَـلَى الدَهْرِ ، والمولى هُو الواقي | |
| وَهَـوَّنَ الـخـطبَ عِندِي أنني رَجُلٌ | لاقٍ مِـنَ الـدهرِ مَا كُلُّ امرِئٍ لاقي | |
| يـا قَـلْـبُ صَـبْراً جمِيلاً ، إنهُ قَدَرٌ | يـجـري عـلى المرءِ مِنْ أَسْرٍ وإطلاقِ | |
| لابُـدَّ لِـلـضيقِ بَعْدَ اليأسِ مِنْ فَرَجٍ | وَكُـلُّ داجِـيَـةٍ يـومـاً لإشـراقِ | |