حضارة الصين

حضارة الصين

من تأليف السفير السعودي لدى الصين :الدكتور/ " محمد بن عبد الرحمان البشر"

 

الباب الأول:

نـــبــــذة عـــــــــامـــــة

الفصل الأول:

مدخل:

تقع الصين في زاوية شرقية نائية من الكرة الأرضية, وهي أكبر دول أسيا مساحة,وثالث أكبر مساحة في العالم بعد روسيا وكندا,وتبلغ مساحتها تسعة ملايين وستمائة  ألف كيلومتر مربع, وهي بهذا تساوي ضعف إجمال مساحة قارة أوربا متجمعة باستثناء روسيا,والمسافة من الشرق إلى الغرب 5200 كلم , ومن الشمال إلى الجنوب 5500 كلم,كما أن محيط البر الصيني نحو 20000 كلم , إضافة إلى سواحلها التي تزيد عن 18000 كلم,وللصين حدود مشتركة مع 16 دولة , وهي بهذا أكثر دول العالم حدودا مشتركة, فلها حدود مشتركة مع كوريا الشمالية,وفيتنام,ولاوس,والهند, ونيبال, وبورما, وبيتان, ومع باكستان,وأفغانستان,وكذلك مع أوزبكستان, ومنغوليا,وكازاخستان, وقرقستان, طاجكستان, وروسيا . وتحيط البحار بالصين من الغرب والشرق والجنوب من خلالها ترتبط باليابان والفلبين,وإندونيسيا,وكوريا الجنوبية .

              وفي البحار تتناثر أكثر من 6500 جزيرة , وتزيد مساحتها عن 500000 كلم مربع , أكبرها " تايوان" , بمساحة إجمالية قدرها 36000 كيلومتر مربع , وثانيها جزيرة "خاينان". ويخترق أراضي الصين 50000 نهر يبلغ مجموع أطوالها أكثر من 220000 كلم , وتغطي مساحة قدرها 100000 كلم مربع , ومعظم الأنهار في الصين تتجه من الغرب إلى الشرق لتصب في المحيط , وهناك قناة مائية من صنع الإنسان تمتد من "خانغشو" إلى بكين, وبطول يبلغ نحو 1794 كيلومتر , وهي أطول قناة في العالم , ويتدفق عبرها أكثر من 2700 بليون متر مكعب من الماء , وأطول الأنهار هو نهر " اليانغسي" حيث يبلغ طوله أكثر من 6000 كيلومتر , ويعيش على ضفافه أكثر من مائتين وخمسين مليون نسمة , وثاني أنهار الصين طولا هو النهر الأصفر , والذي يبلغ طوله نحو 5500 كيلومتر , وحوله نشأت الحضارة الصينية القديمة. وفي العالم 17 جبلا يزيد ارتفاعها عن 8000 متر فوق سطح  البحر, يقع داخل الصين وعلى حدودها 7 منها, وفي الصين أكثر من 100 جبل , يزيد ارتفاع كل منها على 7000 متر , وأكثر من ألف جبل يتجاوز ارتفاع كل منها 6000 متر, وتطل على الصين أكثر جبال العالم ارتفاعا , وهي جبال " الهيمالايا" التي يزيد عدد قممها عن 40 قمة , مكسوة بالثلج على مدار السنة , وكلمة " هيمالايا" تعني باللغة السنسكريتية " موطن الثلوج" , وبها أعلى قمة بالعالم وتقع على الحدود الصينية النيبالية وتسمى باللغة التبتية " جومولانغما" أي " قمة الإله. وفي جنوب التبت تقع جبال " قانغديس" أي " سيدة الجبال كافة" , وقمتها تسمى كنز الثلوج وارتفاعها أكثر من 6700 متر عن البحر , ويزورها بعض البوذيين لممارسة بعض طقوسهم طبقا لمعتقدهم. وبين جبال " تياشان" التي تزيد أعلى قمة بها عن 7000 متر يقع منخفض"توربان" الذي يشكل ثاني أخفض منطقة في العالم بانخفاض قدره 155 متر عن سطح البحر , وعلى جبال " كاراكورام" تقع قمة " شوقير" بارتفاع يزيد عن 8600 متر عن سطح البحر, وهي ثاني أعلى قمة في العالم وعموما فإن الجبال والهضاب والوديان تمثل من 650 % من إجمالي مساحة الصين . وفي الصين بعض السهول المتناثرة هنا وهناك  , ويقع أغلبها في وسط الصين , ومن ضمن هذه السهول سهل " بيتشوان" الواقع في مقاطعة " نينغشا" ذات الأغلبية المسلمة من قومية " خوى" والتي تتمتع بالحكم الذاتي.

والمناخ في الصين يتباين تباينا كبيرا , ومردُّ ذلك عائد إلى اتساع المساحة واختلاف التضاريس. ففي الشمال الشرقي يكون الجو شديد البرودة معظم فصول السنة, ميالا إلى الدفئ في فصل الصيف , بينما يسود الجو الحار الماطر في الجنوب طول العام , وفي الجزء الأوسط من شمال الصين يكون الجو شديد البرودة في فصل الشتاء , وتصل درجة الحرارة فيه إلى 35 درجة تحت الصفر , في الوقت الذي تصل فيه درجة الحرارة إلى 35 درجة فوق الصفر في فصل الصيف , وفي المناطق الشرقية الساحلية تظهر الفصول الأربعة بوضوح , وفي المرتفعات الشمالية تتواجد الثلوج بصفة دائمة.

وقد تظهر الفصول الأربعة في مساحة محددة من الأرض , ففي جزيرة "يونان" تغطي الثلوج قمم الجبال, في الوقت الذي تنعم السهول بجو ربيعي خلاب , بينما يكون الصيف ضاربا أطنابه على الساحل.

والصين تقع في نطاق تأثير عواصف "الميسون" في شهر سبتمبر وشهر أكتوبر , وحتى مارس وأبريل , هذه العواصف القادمة من سيبريا في روسيا وصحاري منغوليا تحمل معها الهواء البراد إلى الصين , وتتناقص برودته كلما أوغل في البر الصيني باتجاه الجنوب, حتى أن الفرق في درجة الحرارة بين الشمال والجنوب يصل إلى نحو 40 درجة مئوية,كما أن عواصف "الميسون" تهب من المحيط في الصيف , حاملة معها الكثير من الفيضانات. والأمطار المتساقطة تتباين بين الشمال والجنوب , فبينما تصل إلى 1500ملم في الجنوب نجد أنها لا تزيد عن 500 ملم في الشمال.

  والمروج الخضراء تمثل أكثر من خمس مساحة الصين , ويقع 60% منها في منغوليا الداخلية , وهي تمتد لتشمل إقليم " شينجيانغ",الذي يتمتع بالحكم الذاتي,وكذلك "تشينغهاي", وقد ساعدت هذه المناطق,والزائر لتلك المناطق سيشاهد الخيول البرية التي تسرح بين تلك المروج الخضراء,مستمتعة بما حباها الله من نعيمه , كما أنه سيرى الإبل ذات السنامين تمشي الخيلاء في تلك الربوع الباهية , دون أن يستخدمها أصحابها للترحال , كما هو شأن سكان البوادي في البلاد العربية والأفريقية , فقد اعتادت بادية الصين-إن صح التعبير- على قصر الانتفاع بها على شرب لبنها وبيع جلودها. كما يمتع الرائي ناظريه بقطعان الخراف , قد اكتسى غالب جسمها بتلك الأعشاب الخضراء اليانعة , وهي متناثرة في كل بقعة من تلك المروج , وعلينا أن ندرك أن تلك المروج ما تلبث أن تتحول إلى فياف قاحلة عندما يحل فصل الشتاء,وتبدأ الوراق بالاصفرار والذبول , وعلى تلك الحيوانات أن تتحمل درجات حرارة قد تنخفض إلى ما دون 30 درجة تحت الصفر. وفي الواقع فإن لحوم هذه الأغنام ذات مذاق شهي ومميز , إضافة إلى ما يقال عن فوائدتها الصحية , لكونها تتغذى على نباتات عشبية مفيدة وكما تصنع من  جلودها الملابس والفراء, وعلى هضبة التبت تعيش الأغنام المنغولية ذوات الذيل الذي يبلغ وزنه نحو 10 كيلو جرام إضافة إلى أنواع خاصة من الحيوانات المتأقلمة مع البيئة الجبلية القاسية . ويوجد بالصين أكثر من2091 نوعا من الحيوانات الفقرية التي تعيش على اليابسة , وهذه تمثل نحو 10 % من إجمالي مجموعتها في العالم , وتعيش في الصين أنواع من الحيوانات النادرة مثل البندا العملاقة , والقرد الذهبي, والأيائل البيضاء الشفاه, والدلفين البحري, كما أن أنواع النمور الثلاثة متواجدة و غير أن بعضها آيل للانقراض,وهناك جهود تبذل للمحافظة عليها. وفي الصين نحو 1186 نوعا من الطيور تمثل 13.5% من إجمالي الأنواع الموجودة في العالم , وبعضها من الطيور المهاجرة التي تحط في الصين فترة من الزمن أثناء هجرتها من المناطق البرادة في روسيا , وغيرها من دول الإتحاد السوفيتي السابق , وشمال الصين , و بعضها من الطيور النادرة.

وتغطي الغابات مساحات كبيرة في الجنوب , والجنوب الغربي, والشمال الشرقي , وتتكون من أنواع عديدة من الأشجار التي تتناسب مع التربة والمناخ مثل الصنوبر والحور والسنديان , كما يوجد عدد من الأشجار النادرة مثل السرو الأحمر " والسكويا". والغابات التي تقع في الشمال الشرقي من الصين تتحمل درجات الحرارة المنخفضة وهي أقل اخضرارا من تلك الواقعة في الجنوب الصيني. أما تلك الواقعة في الجنوب فإنها دائمة الخضرة نظرا لاستمرار تساقط الأمطار طول العام , ولارتفاع درجات الحرارة, وتتم الاستفادة من تلك الغابات في الحصول على الخشاب التي تستخدم محليا , كما يتم تصدير الفائض منها إلى الأسواق العالمية , وبعض تلك الأشجار تستخدم أوراقها وجذورها غي الأودية الشعبية شائعة الاستخدام في الصين . غير أن هناك قوانين للحد من الاستغلال الجائر لتلك الثروة الطبيعية الهامة.

الفصل الثاني:

السكان

 

توزيع السكان: تعتبر الصين أكثر دول العالم سكانا , حيث يقطنها ما يزيد عن 1250 مليونا من البشر, يمثلون في مجملهم خمس عدد سكان الكرة الأرضية , ومع هذا العدد الكبير فإن زائر الصين , سوف يلاحظ كثافة سكانية محدودة في المدن, وذلك بفضل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في السابق للحد من هجرة سكان الريف إلى المدن , فقد كان الانتقال من منطقة إلى أخرى , بل من مدينة إلى مدينة داخل المنطقة نادر الحدوث , وفي حدود ما قد تستوجبه ظروف معينة , إضافة إلى أن الصينيين في المناطق الغربية والوسطى قد اعتادوا عبر الأجيال المتعاقبة على البقاء في ديارهم, وعدم الترحال من منطقة إلى أخرى , فالمجتمع هناك ينظر إلى الانتقال عن الأرض إلى غيرها تفريطا في أرض الأجداد , وهو فعل يعاب فاعله . لكن معظم الصينيين يقطنون في شرق الصين وجنوبها بمحاذاة السواحل , حيث تصل الكثافة السكانية في تلك المناطق إلى نحو 360 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد , وتظل منخفضة عن أعلى معدل كثافة سكانية في العالم وهي منطقة غزة الفلسطينية . وفي المناطق الجبلية في الغرب والوسط ينخفض معدل الكثافة السكانية ليصل إلى نحو 10 أفراد في الكيلومتر المربع الواحد. لقد ارتفع عدد سكان الصين في ثلاثة عقود ارتفاعا كبيرا , حيث زاد العدد من 540 مليون نسمة في عام 1949 إلى نحو 800 مليون نسمة , وقد كان للحكومة آنذاك يد في تلك الزيادة , فقد كانت تشجع الشعب على الإنجاب رغبة منها في تعويض ما فقدته من أيد عاملة أثناء حرب التحرير , لكن تبين لها فيما بعد أن تلك الأفواه القادمة , تحتاج إلى المأكل والمشرب والخدمات , مما حدا بها أن تتخذ عدة إجراءات للحد من النمو السكاني, ومن ضمن تلك الإجراءات قصر الإنجاب على طفل واحد للأسرة الواحدة , مع السماح للأقليات بإنجاب طفلين , وقد يكون أكثر في حالات معينة , ومع هذا فإن النمو السكاني مازال مستمرا ولكن بنسبة أقل. ومن المتوقع أن يصل العدد إلى نحو 1500 مليون نسمة في عام 2025 , وإذا تم النمو المتوقع فإن عدد سكان الصين سوف يزيد بمقدار عدد سكان المملكة العربية السعودية عدة مرات . أي أن الضيوف الصينيين القادمين دون السابقين سيحتاجون ما يحتاجه الفرد السعودي من سبل العيش الصينية أضعافا مضاعفة . وتتوقع الأمم المتحدة أن ينخفض العدد السكاني انخفاضا طفيفا في علم 2050 , حيث سيبلغ ألف وأربعمائة وثمانون مليون نسمة , غير أن العقود القادمة ستكون حبلى بالكثير من التغيرات الاقتصادية والسياسية , التي ستعمل على تجاذب النمو السكاني ارتفاعا وهبوطا , طبقا للظروف السياسية والمعيشية السائدة خلال تلك الحقبة القادمة من الزمن , فالصين ماضية في سياسة الانفتاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي على العالم , وسيعمل ذلك على التحرر من سياسة تحديد النسل و مما يؤدي إلى زيادة في نسبة الولادة , في الوقت الذي ستعمل فيه الظروف الاقتصادية على تغيير نمط الحياة للشعب الصيني , مما يعمل على الحد من الرغبة في الإنجاب , وستكون الزيادة أو النقص بمقدار غلبة احد العاملين على الآخر.

عند الحديث عن الكثافة السكانية في الصين يتبين للمرء كثير من المتناقضات , فكثافة السكان في عموم الصين تبلغ نحو 110نسمة في الكيلومتر المربع الواحد, بنما تبلغ نحو 330 في اليابان , أي أن الفرد الصيني الواحد يحظى بأكثر من ثلثي ما يحظى به نظيره الياباني من الأرض و بل أكثر مما يحظى به نحو 90% من الصينيين أي أكثر من ألف مليون من البشر  لا يسكنون إلا في   35% من الأرض الصينية , وذلك بسبب جغرافية الأرض الصينية , التي تحول دون انتشار هذا العدد الهائل , بمقدار متساو في هذه البقعة الشاسعة, مما جعل الكثافة السكانية لمعظم الصينيين تبز كثيرا من الدول , حيث تصل إلى 354 فرد في الكيلومتر المربع الواحد , ومما يزيد المرء انبهارا أن هؤلاء التسعين في المائة, فهناك 130 مليون صيني أي10 % من عدد السكان يعيش في 47000كيلومتر مربع من الأرض فقط , أي في ما يقارب 0.5% من الأرض الصينية وهي نسبة تدعو إلى الاستغراب , ولهذا فإن متوسط الكثافة السكانية في بعض المدن الصينية مرتفع جدا , حيث يصل إلى 2428 فردا في الكيلومتر المربع الواحد . وبينت الإحصاءات أيضا أن 50 % من الصينيين يعيشون في 778000 كيلومتر مربع من الأرض , أي في ما يساوي 8.2 % من إجمالي مساحة الصين , أي بمقدار كثافة سكانية قدرها 740 فرد في الكيلومتر المربع الواحد , وعلى النقيض من ذلك فإن تلك المساحات الشاسعة من الأرض الصينية المتبقية ذات كثافة سكانية محدودة تتراوح بين فردين للكيلومتر المربع الواحد كما في التبت , و19 فردا في الكيلومتر المربع الواحد في منغوليا الداخلية , وفي الواقع فإن عدد القاطنين في هذه الفيافي الشاسعة والجبال العالية ذات المنحدرات الحادة لا يتجاوز3.6% من إجمالي عدد السكان .

إن العوامل المناخية والطبوغرافية وحدها المسؤولة عن تركز السكان في شرق الصين , رغم أهمية أثرها البالغ , بل إن سبل المواصلات البرية والنهرية تلعب دورا مهما في ذلك , ففي الشرق تتوفر الأنهار , كما تتوفر شبكات طويلة وجيدة من الطرق المعبدة , مما يسهل نقل الأفراد والبضائع , بينما مازال الغرب الصيني في حاجة لمثل هذه الخدمات , وقد تنبهت الحكومة الصينية المركزية في الوقت الحاضر لذلك , وبدأت في وضع برنامج لتنمية الغرب. وعامل آخر من عوامل تركز السكان في الشرق, وهو أن ضفاف الأنهار في الشرق كانت مهدا للحضارة الصينية , ولذا كان التكاثر في الشرق عبر القرون أكثر منه في الغرب.

في سياق الحديث عن التوزيع السكاني في الصين , جدير بنا أن نتحدث بصفة موجزة عن الأمن الغذائي في هذه البلاد التي تحتوي22% من سكان المعمورة , في الوقت الذي ر يصلح للزراعة من أرضها الشاسعة سوى 11% فقط , بينما لا يزرع غير 7% . لقد أسهب العلماء والمحللون في الحديث عن هذا الموضوع الهام , ومنهم من يرى أن  قطعة محدودة من الأرض يمكنها أن توفر الغذاء لعدد محدود من البشر , وأن أي زيادة عن ذلك الحد لا بد لها أن تفضي إلى مجاعة, يموت نتيجة لها عدد من الناس ليحدث التوازن بين الإنسان والغذاء , وقد أثبتت الأيام عقم هذا القول , فالإنسان بطبعه يستطيع أن يؤقلم نفسه بالادخار أو التقليل من اٌستهلاك , ليتناسب مع ما هو متاح بشكل لا يتفق مع نسبة محددة بين الإنسان والأرض ,إلا أن المجاعة قد تحدث في ظل الكوارث البينية الناتجة من المناخ, أو من فعل الإنسان.وفي الوقت الحاضر فإن هذا القول لم يعد قائما , فالتقنية الحديثة كفيلة بالرفع من إنتاجية الوحدة الواحدة من الأرض , وتسهيل جلب الماء وتحسين التربة , إضافة لإلى قدرة الإنسان على استيراد ما يحتاجه من غذاء في حالة الضرورة , وتوفر المبالغ اللازمة. فهناك دول ذات بيئة زراعية فقيرة, غير أنها تتمتع بمستوى غذائي مرتفع, مثل المملكة العربية السعودية , واليابان , وكوريا الجنوبية ,وسنغافورة. فالممكلة العربية السعودية كانت تنتج نحو سبعة ملايين طن من المحاصيل وتستورد مثلها , واليابان أنتجت من المحاصيل 13.4 مليون طن , واستوردت نحو 26.8 مليون طن في عام 1995 , وكوريا الجنوبية أنتجت 12.4 مليون طن , واستوردت نحو 6.9 مليون طن في نفس العام.

والصين قبل التحرير عانت الكثير من المجاعات,فقد عانى80 % من سكانها من مجاعات بدرجات متفاوتة في أزمنة مختلفة عبر تاريخها المديد , نتيجة لعوامل طبيعية وأخرى من صنع الإنسان , وقد كان إنتاج الصين من المحاصيل عند إنشاء الجمهورية نحو 1000 كيلوجرام للهكتار الواحد, ونصيب الفرد من المحاصيل لم يتجاوز 210 كيلوجرام في العام الواحد. وعبر المثابرة و والعمل الدؤوب  فإن الصين اليوم قادرة على توفير الغذاء الكافي لما يناهز 22 % من سكان المعمورة, مع أن مساحتها المزروعة لا تتجاوز 7% من إجمالي مساحة الجمهورية . والصين الآن تعتبر أكبر دول العالم إنتاجا للمحاصيل ووصل إنتاج الفرد فيها إلى نحو 380 كيلوجرام في عام 1995 وهو معدل يفوق المتوسط العالمي , كما أن إنتاج اللحم , والمنتجات البحرية,والبيض , والفواكه , والخضروات بلغت نحو 41 كيلوجرام , و21 كيلوجرام , 14 كيلوجرام , و35 كيلوجرام , و198 كيلوجرام بالترتيب. وهذا يفوق المعدل العالمي,والواقع أن الصين في حقبة محدودة من الزمن لم توفر الغذاء فحسب, بل إن أبناءها استطاعوا الرفع من مستوى التغذية لدى الغالبية العظمى من السكان , مما أدى إلى الرفع من مستوى المعيشة بشكل عام . وللدلالة على ما وصلت إليه الصين من تقدم في مجال الإنتاج الزراعي يجدر بنا الإشارة إلى أن 30 % من إجمالي الزيادة في الإنتاج العالمي من المحاصيل في عام 1980 كان من نصيب الصين. لكن بعض المحللين يرون أن المياه وليست الأرض ستكون المحدد الفعلي لزيادة الإنتاج الزراعي والاستمرار فيه, ولاسيما في الجزء الشمالي من الصين, فهناك مساحات كبيرة من المناطق الزراعية في شمال الصين قد وصلت إلى الحد الأعلى من استخدام مياه الأمطار المتساقطة, لدرجة لا يمكن معها زراعة المزيد, ولهذا فلابد من استخدام أساليب ري حديثة, والاستفادة من مياه الصرف , واستغلال بعض المتكونات المائية ذات الطاقات الكافية والنوعية الجيدة من المياه.

الواقع أن الصين اليوم قادرة على إطعام نفسها بإنتاج ما تحتاجه من المحاصيل الحقلية مثل الأرز, والذرة , في ظل ما هو متاح لديها من عناصر إنتاجية مثل الأرض , والمناخ , واليد العاملة , والتقنية الحديثة من آلة , وبذور , وأسمدة , وأساليب ري. غير أن الميزة الربحية لبعض المنتجات الزراعية مثل بعض الخضروات والفواكه وغيرها قد تعمل على إحلالها محل المحاصيل الحقلية وكما يمكن الاستفادة من المبالغ المحصلة من تلك المنتجات في استيراد ما قد يحدث من نقص في إنتاج المحاصيل الحقلية.

ولهذا فإن نظرية الاكتفاء الذاتي من جميع المنتجات الزراعية لم تعد ممكنة في ظل العولمة , وتوفر وسائل النقل الحديثة , وهيمنة قوانين منظمة التجارة العالمية التي تتمتع الصين بعضويتها.

إن مشكلة الصين ليست في قدرتها على إطعام نفسها من عدمه, فهذه مرحلة قد تم تجاوزها , لكن المشكلة تمكن في احتمال تغير النمط الغذائي للشعب الصيني في ظل زيادة معدل الفرد,فالزيادة في الدخل ستدفع الكثير من الصينيين إلى استهلاك الكثير من اللحوم على حساب المحاصيل , وعندما ندرك أن إنتاج الكيلوجرام الواحد من اللحم, يحتاج إلى ستة كيلوجرام من الأعلاف, سيتضح مدى الحاجة الكبيرة إلى الإمعان في المشكلة التي قد تتجاوز حدود الصين إلى العالم أجمع, فعدد السكان في الصين سيبلغ نحو مليار وثلاثمائة مليون من البشر , وعندما  يتحول هذا العدد الهائل إلى استهلاك اللحوم بدلا من الأرز والخبز والذرة, فإن الطلب على الأعلاف اللازمة لتغذية الحيوان سيكون كبيرا , قد تعجز الصين عن تلبيته, بل قد يعجز العالم بأسره عن ذلك. والواقع أن التطور الهائل الذي ستشهده الصين سيعمل على تقليل المساحة الزراعية وذلك باستغلال جزء من الأراضي الزراعية للاستفادة منها في الإنتاج الصناعي والخدمة , في الوقت الذي ستعمل فيه التقنية الحديثة على رفع إنتاجية الوحدة الواحدة من الأرض المزروعة , كما أن التحول إلى زراعة المنتجات ذات القيمة العالية , سيعمل على الحد من المساحات المزروعة بالمحاصيل , وبين هذا وذاك يمكن أن تكون المحصلة إيجابية,إلا أنم تغير النمط المعيشي والتحول إلى استهلاك المزيد من اللحوم سيكون العامل المؤثر في التوجيهات الإنتاجية الزراعية في العالم.

إن هذه التحولات الاقتصادية في الصين , ستعمل على إعادة التوزيع السكاني طبقا للتغيرات التي قد تنجم عن هذا التحول , فقد تنشأ صناعة ناجحة في منطقة غير مأهولة , فتعمل على جذب عدد من السكان من مناطق أخرى,كما أن استخدام التقنية الحديثة سيعمل على إنتاج الكثير من المنتجات التي كان يتعذر إنتاجها في مناطق معينة مما يعد وسيلة جذب أخرى لهذا العدد الهائل من البشر القاطن في مساحة محدودة من الأرض.        

  

الفصل الثالث:

القوميات

1-قومية"هان":

        تتميز الصين عن سائر بلاد الدنيا قاطبة بتجانسها البشري الواضح, رغم كثرة عدد سكانها, ووجود 56 قومية بها , والفضل في ذلك يعود إلى قومية " هان" الكبيرة, التي تشكل حسب الإحصاءات الرسمية ما يزيد عن 90 % من عدد السكان, أي أن هناك نحو مليار و مائة مليون نسمة من عرق واحد, وهذا يعني تجانسا بين 20 % من سكان كوكبنا, وهذا التجانس لا يقتصر على العرق فحسب, بل يتعداه إلى التجانس في اللغة والتاريخ والثقافة وأسلوب التفكير, فاللغة الصينية " المندرين" في اللغة السائدة كتابة في عموم الصين ولدى جميع القوميات, مع احتفاظ بعض القوميات بلغتهم الخاصة. وقومية " هان" الكبيرة والكثيرة العدد تتحدث وتكتب لغة " المندرين" , مع وجود نسبة من أفراد هذه القومية تتحدث لغة" الكونتينير" , السائدة في الجنوب , وهي لغة تختلف عن لغة " المندرين" في اللفظ, وتتوافق معها في الكتابة, ولذا يمكن اعتبارها لهجة خاصة بأبناء جنوب الصين, ومثلها لهجة " شنهاي" , وغيرها هنا وهناك. وتتواجد قومية " هان" في كل أنحاء الصين, لكنها تتركز في المناطق دون أخرى , ولاسيما في السهول الشرقية , والشمالية الشرقية, ووسط الصين , و على ضفاف النهر الأصفر مهد الحضارة الصينية العريقة, ونهر اللؤلؤ , ونهر " اليانجسي".

وقومية " هان" شأنها شأن معظم القوميات الأخرى , ذات أصول منغولية صفراء, مما يضفي مزيدا من التجانس والتماثل بين قومية "هان" ومعظم القوميات الأخرى, والواقع أن قومية " هان"تعتبر مزيجا من القوميات المحلية القديمة التي انصهرت مع بعضها البعض لتشكل هذا النسيج المتجانس مع البشر , فقد كان هناك عدد من القبائل الرحل في الأرض الصينية الواسعة , ومن ضمن هذه القبائل الاستقرار مبتغاها , فأضحت من أوائل القبائل المستقرة, وكان استقرارها على ضفاف النهر الأصفر والسهول الشمالية الشرقية ,وما لبثت هذه القبيلة أن كونت ثقافة خاصة بها , أصبحت فيما بعد مثار إعجاب قبائل أخرى ,فانصهرت معها مكونة قومية " هان" الحالية, وخلال السنين المتعاقبة في الألفي سنة الماضية , تعرضت مناطق تواجد هذه القومية لعدد من الهجمات القادمة من الشمال والمخترقة للسور الذي تم بناؤه من قبل قومية " هان" على مر العصور , ومن ضمن هذه الموجات كانت قبائل " الهيون , والمنغولين , والمنشوريين" , الذين استطاعوا السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي , مما حدا ببعض أفراد هذه القومية إلى النزوح نحو الجنوب , غير أن هذه القوميات القادمة من الشمال ما لبثت أن استقرت مكونة قومياتها الخاصة بها , مع اندماج معظم أفرادها مع قومية هان الكبيرة. والواقع أن هذه  الموجات من القوميات الأخرى عملت على إضافة المزيد من المعارف إلى ما كان متوفرا من حضارة سائدة. كما أن قومية " هان" استطاعت أن تتعايش مع القادمين وأن تصهرهم في بوتقتها, وكان آخر تلك الأقليات القادمة من الشمال " المنشورين" الذين ظلوا يحكمون الصين نحو 270 سنة , حتى تم إقصاؤهم من قبل الحزب الوطني عام 1911 للميلاد بقيادة الدكتور" صن يات سن". وهناك من يقول أن اسم " هان" لم يطلق على هذه القومية إلا في عصر إمبراطورية " هان" التي حكمت الصين نحو أربعمائة عام , وقبل فقد كان اسم تلك القومية " هاوزيا" أو " زازيا".

      إن الزائر للصين يستطيع التمييز من حيث الشكل بين قومية هان وبعض القوميات الأخرى , مثل " اليوغور" , والطاجك,والمنغوليين" , لكنه قد يقف عاجزا عن إدراك أي تباين بين هذه القومية الكبيرة وبين بعض القوميات مثل قومية " منبا, و جينوة , و هاني ., و لاخو" وغيرها , لكن التباين قد يبدو واضحا في الرقص والأكل والغناء.

   ومعظم أفراد قومية " هان" لا يؤمنون بدين , غير أن بعضا منهم يؤمن بالبوذية , وقليل يدينون بالإسلام, وأقل من ذلك يعتنق المسيحية , كما أن البعض منهم متأثرون بتعليم "كنفوشس" , وعددا أقل بالتعاليم "الطاوية ", " و البوذية".

   والإسلام الذي دخل الصين في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه , جذب عددا من الصينيين إلى اعتناقه , بفضل العرب والفرس الذين قدموا إلى الصين للعمل في المجال التجاري , وقد كون هؤلاء الوافدون مع جماعات من قومية " هان " قومية جديدة في الصين تسمى قومية " خوى" , كما أن عددا من قومية " هان" اعتنق الإسلام  في الفترة الخيرة , مع احتفاظهم بقوميتهم" الهانية".

    وتستمد قومية " هان" معظم سلوكياتها من " الكنفوشيسية " , والتي تعتبر الأساس لثقافة " هان" , وهي فلسفة أخلاقية جلها حميد , وأسها سلوكيات الإنسان وأخلاقياته , وتربية النفس البشرية على الفضيلة , وقد نقل عن ط كنفوشس" قوله إن الفضائل الخمس هي : " فعل الخير ,الإخلاص , العدل , الاحتشام, الحكمة" انتهى , ولهذا فقد تشرب الكثير من الصينيين بهذه الفضائل , حيث أنها بقيت تتوارث جيلا بعد جيل , وخصوصا هذه القومية التي جعلت تعاليمه أساسا للتعامل الفردي والجماعي , كما أن من أخلاقيات هذه القومية طاعة الوالدين, والحرص على تنفيذ توجيهاتهم.

وكان الزواج لدى هذه القومية يتم عن طريق الوالدين,حيث كانت الأم تبحث لولدها عن زوجة مناسبة, وبعد موافقة والد الخطيبة و والدتها , يتم تحديد يوم الزواج وكيفيته , والأمور المالية والاجتماعية اللازمة دون تدخل من العروسين قبل ليلة الدخول بها, بأمل أن يكون ذلك فألا حسنا لحياة زوجية ناجحة , وكان يمكن للمرأة والرجل الزواج في سن مبكر , طالما أن والدي الزوج والزوجة قد قرروا ذلك , ويمكن للزوجين السكن مع أهل الزوج , أو الزوجة , أو بمفردهما , أما إذا كانا صغيري السن, في سن الثالثة عشر مثلا, فإن السكن في منزل الوالدين هو الغالب , ولم يعد هذا الأسلوب في الزواج قائما في الوقت الحاضر , بعد انفتاح الصين على العالم الخارجي , وتأثرها بالثقافات الأخرى, ولاسيما الغربية. كما أن الرجل هو سيد البيت , والمرأة عليها طاعته, وتنفيذ توجيهاته دون جدال, وكانت تنحصر وظيفة الزوجة في تربية الأطفال , وتجهيز الطعام , والقيام بما تتطلبه العمال المنزلية اليومية , بينما على الرجل القيام بالعمل خارج المنزل لتوفير سبل العيش الكريم, وهذا النمط من الحياة الزوجية, قد تغير مثل سابقه , وما يلحظه المقيم في الصين من سلوكيات حميدة قد يكون مرد جزء منه لإلى تلك التعاليم , إضافة لإلى الثقافات الأخرى التي ارتوت من معينها قوميات الصين المختلفة, وإلى الأخلاقيات الحميدة التي جبل عليها الشعب الصيني الكريم, وعموما فقد تأثر بهذه الثقافة أو بعضا منها معظم أبناء القوميات الصينية الأخرى, مما ساعد على انسجام هذه القوميات الصينية المختلفة. ومعظم أبناء قومية " هان" لا تدين بدين معين في الوقت الحاضر.

وليس لقومية " هان" رقصات أو موسيقى خاصة بها , بل هي مزيج مما لدى القوميات الأخرى , إضافة إلى ما وفد إليها في الفترة الانفتاحية الحالية من تأثر واضح بالغرب. وقومية " هان " تستلذ كل أنواع الأطعمة المعتادة وغير المعتادة, فيمكن أن تتنوع الموائد من لحوم الأغنام والأبقار إلى جميع أنواع الحشرات والزواحف. وهي في الجنوب "أكثر تنوعا منها في الشمال, غير أن لحوم الغنام غير مستساغة في الجنوب , بينما تشكل اللحوم البحرية طبقا رئيسا على الموائد في تلك المنطقة , وهناك تباين واضح في الموائد الصينية لقومية "هان" بين الشمال والجنوب , ففي الشمال يعتبر الخبز غذاء رئيسا على الموائد في تلك المنطقة , وهناك تباين واضح في الموائد الصينية لقومية " هان" بين الشمال والجنوب,ففي الشمال يعتبر الخبز غذاء رئيسا ,بينما في الجنوب لا تخلو الموائد من الأرز , مع إضافة شيء من السكر على معظم أنواع المأكولات, أما في أقصى الشمال فإن للبطاطس حضور جيد, وهذا عائد إلى التأثر بالأطعمة الروسية . والثوم والسمك عنصران رئيسان لا تخلو الأطباق الصينية منهما. والثوم يؤكل نيا ومطبوخا , ولا شك أن رائحته ستنتشر عبقها على الحاضرين , ليسعد بها المحبون له, أما أولئك غير الراغبين فيه, مثلي, فما عليهم إلا الصبر والاحتساب, ورائحته لا تتوقف عند أثرها المباشر, بل تخترق الجسم لتنبعث منه مرة أخرى , والأجر على قدر المشقة , والثوم لا يقتصر على الموائد الصينية فحسب, بل تستخدمه جميع شعوب العالم في موائدها , ومنها العربية. ويشرب الهانيون كثيرا من الشاي الصيني المشهور و اللذيذ , والذي يشتمل على أنواع كثيرة ومتخصصة , فهناك اعتقاد أن لكل نوع من أنواع الشاي تأثير إيجابي على الصحة العامة يختلف عن مثيله , وأغلبهم يعتقد أن الشاي الأخضر يحوي فوائد جمة , ولهذا فإن الزائر للصين سيجد أن سائق التاكسي يضع بجانبه حافظة لحرارة مليئة بالشاي الذي لا يتوقف السائق عن شربه. وطراز البناء الذي تستخدمه  هذه القومية هو ذلك الطراز الصيني المعروف والمميز, لكن المواد المستخدمة في البناء تختلف طبقا للمناطق المختلفة , ففي الشمال حيث تكثر الجبال فإن في الجنوب حيث تكثر الجبال فإن المواد المستخدمة في البناء تكون في الغالب من الحجر , أما في الجنوب حيث تكثر الغابات والأخشاب فإن  خشب الزان يستخدم بكثرة في البناء والتجميل الداخلي , ويحبذ الهانيون القاطنون في شمال الصين منازل ذات أبواب ونوافذ كبيرة للمساعدة في التهويه , وعموما فإن الهانيين يفضلون الألوان البيضاء و والرمادية , والحمراء , والصفراء.

  2-قومية"خوى" :

         قومية خوى قومية رئيسة وفاعلة ومؤثرة في الثقافة الصينية , وقد نشأت هذه القومية في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه , كما تشير أغلب المصادر , ويعتقد أن جذور هذه القومية أبعد من ذلك , حيث تكونت مع بداية التبادل التجاري بين العرب والفرس من جهة , والصين من جهة أخرى قبل ظهور الإسلام , حتى  وإن لم تأخذ الاسم نفسه , وبعد ظهور الإسلام , وقدوم أعداد اكبر من التجار العرب والفرس المسلمين, واستقرار البعض منهم في الصين , بدأت تظهر صبغة خاصة لهذه القومية , فقد ترسخ اسمها ( خوى خوى ) , وقد يكون الاسم مأخوذ من الكلمة العربية ( إخوان إخوان ) أي إخوان مسلمون مع شيء من التصحيف . وبالرجوع إلى قواميس اللغة الصينية تبين أن لفظ كلمة ( خوى ) تحمل معان كثيرة منها كلمة : يعرف , وم ؤتمر , ويشرب , ويلتقي , ويمكن , واتفق , ويزور , ويفهم , ويدفع , ويلزم . كل هذه المعاني  يمكن الاستدلال عليها بلفظ كلمة( خوى ) , غير أنها  جميعها تختلف  عن بعضها البعض في الكتابة , كما هو المعتاد في اللغة الصينية , التي يكثر فيها التطابق اللفظي , والتعرف على المدلول من السياق العام للجملة , مع تباين في الكتابة للدلالة على كل معنى على حدة . فالكتابة الصينية في أساسها تعتمد على الشكل للاستدلال على المعنى مستمدة ذلك مما يوجد في الطبيعة من مخلوقات , مثل أشكال الحيوانات , والأشجار , والمياه وغيرها , أما كتابة كلمة ( خوى ) الدالة على المعنى المقصود لقومية ( خوى ) فإنها ترسم بشكل مربع بترحال قومية خوى , وعودتهم أثناء قيامهم بالتجارة بين الصين من جهة , والعرب الفرس من جهة أخرى , عن طريق الحرير البري والبحري , أما بعض العلماء المسلمين في الصين فقد رأوا أن هذا الشكل الدال على معنى العودة والذي استخدم للدلالة على قومية ( خوى ) المسلمة إنما هو الشكل دال على مفهوم جملة ( إنا لله و إنا إليه راجعون ) , التي يكررها المسلمون في حياتهم اليومية , وهذه اجتهادات قد تكون صائبة أو تكون غير ذلك,إلا أنها ذات دلالات هامة لهذه القومية ,’ التي ظلت محتفظة بهويتها لمدة تقارب ألف وأربعمائة عام رغم انقطاعها عن التواصل مع العالم الخارجي لمدد غير يسيرة من الزمن.  وتتميز قومية " خوى " عن سائر القوميات الأخرى بانتشارها في جميع مناطق الصين المختلفة ,فلا يوجد مدينة أو قرية , أو جبل أو سهل , إلا وفيها عدد من قومية " خوى " قل أو كثر.

        والواقع أن لفظ  كلمة " خوى "  أصبح يطلق على المسلمين الصينيين , رغم أن بعض قومية " هان " قد اهتدى إلى الإسلام ,كما أن عددا قليلا من أبناء قومية " خوى " قد تخلى عن دينه لسبب أو لآخر.

      وتتميز قومية " خوى " بامتناع أفرادها عن أكل لحم الخنزير, وقد يكون هذا الامتناع سببا رئيسيا في احتفاظها بهويتها عبر القرون المتعاقبة ,فالبعض منهم قد لا يعرف الشعائر الدينية الإسلامية , ومن ثم لا يمارسها , إلا انه يظل ممتنعا عن أكل لحم الخنزير بصورة قاطعة  لا لبس فيها , ولهذا فإن زائر الصين سيجد في كل مدينة وقرية وناحية مطاعم إسلامية , لا يقدم فيها لحم الخنزير , مع وجود معظم الأطباق الصينية المختلفة.

        وتتمتع قومية خوى بالحكم الذاتي في بعض المناطق والولايات والمحافظات , فهناك واحدة ذات حكم ذاتي , و ولايتين وثمان محافظات تتمتع بحكم ذاتي أيضا . ومنطقة " نينغشيا" ذات الحكم الذاتي لقومية " خوى " تبدو فيها المظاهر الإسلامية جلية , في كثرة المساجد , وثقافة الناس وتعاملهم . وقد أصبحت هذه المنطقة ذات حكم ذاتي في 25 أكتوبر عام 1985 وعاصمتها مدينة " ينتشوان" , وتعتبر إحدى المدن الصينية الثقافية المشهورة , وهي تقع على سفح جبل " خهلان" وتطل على النهر الأصفر , ويعود تاريخ هذه المدينة إلى عام 678 ميلادي وكانت تسمى محافظة " هواييون" , ثم تحول اسمها إلى " شينغتشو" عام 1020, وفي عام 1038 اتخذتها مملكة " شيشيا" عاصمة لها , وأطلقت عليها اسم " شينغتشنج" , واستمرت هذه العاصمة 189 سنة , ثم أصبحت مركزا سياسيا ل " لنشيا" في العهود اللاحقة , وعندما أقيمت مقاطعة " لينغشيا" عام 1929 تحول اسمها إلى اسم " نينغشيا" ثم تحول اسمها إلى "ينتشوان " عام 1949 . والواقع أن هذه المدينة تزخر بالآثار المرتبطة بالحقبة التي حكمت فيها مملكة " شيشيا" , وقد وفد إليها العرب والفرس حاملين معهم ثقافتهم , أثناء ترحالهم عبر طريق الحرير البري , واستوطن بعضهم هذه المدينة مكونين جزءا من قومية " خوى" , أما البعض الآخر من هذه القومية فقد وفد إلى الصين من عدة طرق , منمها طريق الحرير البحري , ولهذا فإن آثارهم في مناطق مثل " قوانغشو" , و" تشيوانتشو" , و " يانغشو" ,’ و " هانغتشو" مازالت عامرة , كما ان الإمبراطور " قبلاي خان" حفيذ " جنكيز خان" بعد أن غزا وسط آسيا وبلاد العرب والفرس , جلب عددا من أبناء تلك البلاد إلى الصين للمرابطة العسكرية , ولغرض الزراعة والري , وقد بقي معظم هؤلاء في الصين وتزوجوا مع قومية " هان" والقوميات الأخرى مضيفين حلقة أخرى من حلقات تشكيل قومية" خوى" المعروفة الآن , وقد امتزجت ثقافتهم بثقافة قومية " هان" , مما جعل أبناءها يهجرون لغاتهم الأصلية , ويستخدمون لغة " هان" , غير أن بعضا من رجال الدين المسلمين ظلوا عاجزين عن معرفة اللغة الصينية نطقا وكتابة , ولا سيما ما يخص النصوص الدينية , مما حدا بهم أن يستخدموا اللغة العربية لتدريس أبنائهم الذين لا يجيدون سوى اللغة الصينية , لهذا ظهر في الصين لغة عربية خاصة ليست سوى خليط من العربية والفارسية , وشيء من الصينية , وهي تختلف من مكان إلى آخر , متأثرة باللهجات المحلية السائدة في كل جهة من جهات الصين , وأصبح من العسير على بعض القاطنين في جهة , التفاهم مع الجهة الأخرى , وجرت العادة على تسميتها " اللغة الخاصة بالتعليم الإسلامي الصيني" , وهي تنقسم إلى نوعين يسمى أحدهما " جينغ تانغ يو" (اللغة الصينية المنطوقة الخاصة بالتعليم الإسلامي الصيني ) , والآخر " بشياو آر جينغ" ( اللغة الصينية المكتوبة الخاصة بالتعليم الإسلامي الصيني ) ولكن ترجمتها الحرفية تعني " كتب الأطفال المقدسة " وهي اللغة الصينية المكتوبة بالحروف الهجائية العربية الممزوجة بالمفردات الفارسية , وليس هناك تدوينات خاصة بتاريخ ظهورها, ويبدو أن هذه التسمية ترتبط بأبناء المسلمين الذين كانوا يدرسون الكتب الإسلامية العربية والفارسية, وكان هؤلاء الأطفال الناطقون باللغة الصينية الدارجة في الصين , والذين لا يحسنون الكتابة باللغة الصينية , يلجأون إلى كتابة بعض الألفاظ التي يجيدون نطقها باللغة الصينية بأحرف عربية , فكانوا كلما صادفوا كلمات أو عبارات صعبة الحفظ في مجرى قراءاتهم  النصوص العربية أو الفارسية , قاموا بشرحها مستفيدين من الألفاظ الصينية المكتوبة بالحروف العربية , شانهم في ذلك شأن دارسي اللغات الأجنبية من لغتهم الأم في شرح الكلمات الجديدة عليهم, ولأن هؤلاء الأطفال كانا أول من اتخذ اللغة الصينية المهجاة بالحروف العربية , وسيلة مساعدة في دراستهم , فمن المنطق أن تنسب إليهم . أما كلمة " جينغ " في المصطلح " شياو آر جينغ" فتحمل معنى " الكتب المقدسة" , وهو تعبير خاص في الحضارة الصينية التقليدية . ومعروف أن كلمة كتاب في اللغة العربية يشار بها إلى كل أنواع الكتب , سواء كانت مقدسة أو غير مقدسة . لكن الصينيين من عادتهم أن يسموا الكتب المقدسة " جينغ" ويسموا الكتب العامة " شو" , وبعد دخول الإسلام  إلى الصين اعتبر المسلمون الصينيون القرآن الكريم والحديث الشريف من قبيل" جينغ",واعتبروا سائر الكتب من قبيل " شو" متأثرين بالتقاليد الصينية. ولما تحولت اللغة العربية واللغة الفارسية إلى لغتين خاصتين بالدين في الصين , ومع مرور الزمن اختلط مدلول"جينغ" ومدلول" شو" بالتدريج لدى المسلمين الصينيين, حتى اعتبروا جميع الكتب العربية والفارسية من قبيل كتب "جينغ" سواء كانت مقدسة أو غير مقدسة,كما اعتبروا جميع كتب الصين من قبيل " شو" , وعليه فقد استمر هذا المسمى حتى وقتنا الحاضر. وعموما فقد لعبت هذه اللغة دورا كبيرا في نشر الإسلام في الصين , في وقت كان فيه كثير من الأئمة يجهلون اللغة الصينية , لكنها الآن أصبحت أثرا بعد عين بعد أن أصبح الأئمة الصينيون قادرين على قراءة الكتب الصينية وكتابتها.

3-قومية "جوانغ":

     تعتبر قومية " جوانغ" أكبر الأقليات في البر الصيني طبقا للإحصاءات الرسمية, وتقع معظمها في منطقتي"قوانغشي" و "يونان" , ويبلغ عدد هذه القومية نحو 17 مليون نسمة طبقا لبعض الإحصائيات , ويعيش نحو 91 % من هذه القومية في الجزء الغربي  من مقاطعة –قوانغشي- ذات الحكم الذاتي , والباقي مقسم على المقاطعات الأخرى ومقاطعة "جوانزي" تقع في الجزء الشرقي من البر الصيني وهي منطقة جبلية , ويقطن معظم هذه القومية في المرتفعات الشمالية من المقاطعة. والواقع أن المنحدرات والقمم التي تنساب بينها النهار تشكل منظرا جماليا خلابا, ولهذا فهناك قول متداول في تلك المنطقة يقول (( إن المناظر في "يانغشوه" هي الأفضل في " قويلين" )).       وساحل هذه المنطقة يعتبر غنيا بالكثير من المنتجات البحرية ومنها اللؤلؤ الذي يعتبر الأشهر في الصين.

       ومتوسط درجة الحرارة نحو 20 درجة مئوية , والجو دافئ في الشتاء لكنه شديد الحرارة في فصل الصيف , ولاسيما في الجنوب,وحيث أنها تقع بقرب خط الاستواء , لذا فإن المطر يتساقط بشكل دائم, مما جعل الأرض تكتسي حلة خضراء على الدوام , ولتواجد المطر الدائم والجو الدافئ فإنه أصبح من اليسير زراعة الأرز والذرة والموز وقصب السكر والمانجو. والجبال الممتدة من الشمال إلى الجنوب بمحاذاة الساحل الغربي غنية بالفضة والنحاس , والمنغنيز , والزنك , بالإضافة إلى الذهب , لكن هذه المنطقة تختص ببعض المنتجات التي تتميز بها, مثل بعض أنواع الشاي , والمشروم, والسمسم,وكذلك النباتات الطبية الخاصة بالطب الصيني.

      وهذه القومية تعتبر من أقدم الأقليات العريقة والقديمة في الصين تحت أسماء مختلفة , لكنها أخذت هذا الاسم "جوانغ" قبل نحو ألف عام , وذلك في عهد أسرة "سونغ" , ولقد أصبحت منطقة هذه القومية تحت الحكم الصيني المركزي قبل نحو ألفي عام , منذ قام الإمبراطور الأول من أسرة " تشين" بتوحيد هذه المنطقة مع الصين المركزية عام 221 قبل الميلاد, وقد بدأ هذا الإمبراطور في ذلك الوقت بعمل قنوات الري المختلفة , كما شجع على نقل عدد من السكان من مناطق مختلفة إلى هذه المنطقة , مما ساعد على اندماج سكان هذه المنطقة مع الآخرين , كما أنه ساعد على الرفع من المستوى الثقافي والاقتصادي للسكان.

       وفي القرون التالية , اندمجت كثير من القبائل مع بعضها , فشكلت مجموعات ذات نفوذ , استطاعت أن تعيش في رغد من العيش بامتلاك مساحات واسعة من الأراضي , وعدد من العبيد والخدم , وفي عصر أسرتي " تانغ وسونغ" تركز الاقتصاد على زراعة الرز , وتربية المواشي , واستخراج الحديد والنحاس , لكن المستوى المعيشي ظل أقل منه في بعض المناطق الصينية , حيث ظل العمل مقتصرا على الزراعات المحلية والصيد , وكان السكان هناك منقسمين إلى ثلاث طبقات هي : طبقة الملاك الإقطاعيين , وطبقة المزارعين , وطبقة العبيد , وقد أزيل هذا النمط من التقسيم في عصر أسرة " تشينغ" (1644-1911) , وهو تاريخ انتهاء الإقطاع في الصين.

    وفي الغالب فإن القيادة لدى هذه القومية , والقوميات الصينية الأخرى , تقع على كاهل الرجل, ولهذا فقد تول الرجال الحكم في المنطقة لمدة ألف علم من حكم أسرة " تانغ" حتى حكم أسرة " تشينغ" إلا أن الأمر تغير فيما بعد , وفي عام 1851 قامت ثورة "تاي بينغ" , فانضم إليها عدد غير قليل من هذه القومية , مما جعل عددا منهم يتقلد مراكز قيادية في الجيش. وفي العصور اللاحقة شارك أبناء هذه القومية في الدفاع عن الصين ضد الغزاة , مثل مشاركتهم الفعالة في القتال ضد الغزو الياباني ,و الفرنسي , كما شاركوا في ثورة 1911 م.

   كل قومية من قوميات الصين تتميز ببعض الثقافات والتراث , ومن ضمن تلك الثقافات اللغة , ولقومية " جوانغ" لغتها الخاصة التي يتحدث بها أبناء هذه القومية فيما بينهم , وهي تشابه  في صفاتها اللغوية اللغة التبتية , ولقد حاول أبناء هذه  القومية إيجاد حروف مكتوبة خاصة هم ونجحوا في ذلك في عصر أسرة " سونغ" عام (1127-1279) , لمن هذه الحروف لم يكتب لها النجاح والانتشار فخبت واستبدلت بالحروف الصينية.

واشتهر أبناء هذه القومية بفن الرسم , فقد عثر على لوح جصية على ضفاف  نهر" زوجيانج" في أكثر من 50 موقعا , يزيد عمرها عن 2000 عام  ,مازالت تزهو بألوانها.

       أما الأسطوانات النحاسية فقد وجد منها الكثير في هذه المنطقة ,التي يعود عمرها إلى أكثر من 1500 عام , و لا أحد يعرف سبب حرص أبناء المنطقة على اقتناء مثل هذه الأسطوانات المتنوعة  في الحجم والتصميم , والثقيلة الوزن , حتى أن وزن بعضها يصل إلى نصف طن. فمن قائل يقول إن ذلك يعود إلى المباهاة, وآخر يرى أنها تستخدم لأسباب عسكرية, والبعض يرى أنها آلة من الآلات الموسيقية المستخدمة في ذلك الوقت, وعزا البعض ذلك إلى أسباب عقدية. في الأعياد يتجمع عدد من أبناء القرى القريبة للاحتفال بالعيد والاستمتاع بالرقصات المحلية , وفي مثل هذه المناسبات تكون الفرص متاحة لاختيار الزوجات. وفي غنائهم يستخدمون الطبول , والآلات النحاسية , والمزمار , وبعض الآلات المستخدمة من قرون وعظام الحيوانات مثل الخيل , ولديهم رقصات خاصة بهم فردية وجماعية بطيئة وسريعة.

     فيما مضى كان أبناء هذه القومية يقطنون منازل ذات دورين, يكون فيها الدور الأول للخزن, بينما يستمتعون بالسكن في الدور الثاني , لأن ذلك يقيم تأثير الرطوبة , أما وقد دخلت إلى البلاد الأساليب الحديثة في البناء , والتي تعمل على عزل الرطوبة , وتوفير البرودة اللازمة,فلم يعد ذلك النوع من المساكن محببا.

   ويرتدي أبناء قومية " جوانغ" نفس ملابس قومية " هان" الكبيرة في الوقت الحاضر , لكن الملابس التقليدية مازالت تلبس في بعض المناسبات,وعموما فإن النساء والرجال يلبسون في الماضي والحاضر ملابس محتشمة, وبعض النساء يفضلن وضع الوشم على أيديهن وأجسادهن.

   وكما هي عادة أهل المناطق الجنوبية في الصين, فإن أبناء قومية " جوانغ" يعتمدون  على الأرز كغذاء رئيس, بالإضافة إلى الذرة وبعض الخضروات المتوفرة.

    ولدى أبناء هذه القومية عادة غريبة في الزواج , فالزوجة تبقى  بعيدة عن بيت زوجها بعد ليلة  زفافها لمدة قد تصل إلى سنتين أو ثلاث , لكنها وزوجها يختليان بين الفنية والأخرى للقاء معا, عند انشغال الوالدين بالعمل في المزرعة , أو أثناء الأعياد أو المناسبات , ولهذا فإن هذه العادة مع كونها قاسية على كلا الطرفين إلا أنها تجعل اللقاء بعد العناء , أكثر حرارة, والتأثير أكبر على خلجات الطرفين , مما يزيد من الشوق والهيام , ولذا فإن عودنها بعد سنوات ثلاث , تكون عودة منتظرة بفارغ الصبر , وبعد مزيد من الانتظار , مما يجعل فرص الاستمرار كبيرة على حد اعتقادهم.

    ومن غرائب أبناء قومية "جوانغ" احتفالهم بعيد الشيطان , والذي يقام في الشهر الثامن الميلادي , حيث تحضر كل عائلة طعاما مكونا من الدجاج , والبط , وخمسة أنواع من الأرز الملون , ليتم التقرب به للأجداد ولطرد الأرواح الشريرة , والواقع أن مثل هذه العادات مع شيء من الاختلاف كانت سائدة في منطقة الشرق الأوسط قبل ظهور الإسلام وتحريمه لها. ولديهم عيد آخر يسمى عيد"حيوية الماشية" , وفيه تقوم كل عائلة بتحضير خمسة أنواع من الأرز الملون , مع شيء من الحشائش, ثم يقومون ببعض الطقوس الخاصة مثل تحريك الأيدي والانحناء وتحريك الرقبة, ثم يتم تقديم نصف كمية الأرز مع الحشائش للحيوانات, معتقدين أن ذلك سوف يعيد لها الحيوية والنشاط بعد عناء الحرث.

 

هام جدا: انتظروا الجزء الثاني من هذا الكتاب